المنتدى المصري الحر

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتداك مستفيدا ومفيدا الرجاء التسجيل أو الدخول
يـــــــــــــارب احفظ مـــــــــصر



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى المصري الحر

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتداك مستفيدا ومفيدا الرجاء التسجيل أو الدخول
يـــــــــــــارب احفظ مـــــــــصر

المنتدى المصري الحر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك»

اذهب الى الأسفل

مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» Empty مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك»

مُساهمة من طرف بلبل حيران الخميس 14 فبراير 2013, 11:24 am

مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 1116_660


الرئيس السابق قال لنائبه: «عاوز أسلم السلطة بس خايف من الفوضى والإخوان»!!





كان يوم الخميس العاشر من فبراير حاسماً، لقد مضى ستة عشر يوماً، الشارع
يغلى، المظاهرات تزحف، الاعتصامات تتزايد مساحتها، عمليات الفوضى والبلطجة
تهدد الآمنين، والرئيس لا يزال غائباً عن الحدث..

كان مبارك قد وعد المشير بأنه سيلقى خطاباً فى السابعة من مساء
الأربعاء 9 فبراير يعلن فيه نقل اختصاصاته الرئاسية للنائب عمر سليمان
لينهى بذلك الأزمة، ويضع حداً للتصعيد الذى يشهده الشارع.

لم يظهر الرئيس على شاشة التلفاز فى هذا اليوم، يبدو أنه خضع
لتهديدات نجله جمال الذى هدد بالانتحار أكثر من مرة، كان جمال شرساً فى
المواجهة يرفض تسليم السلطة لكائن من كان، كان مبارك قد وعد نائبه، اللواء
عمر سليمان، يوم التاسع والعشرين من يناير، أى بعد تعيينه مباشرة، بنقل
الاختصاصات الرئاسية إليه، انتظر عمر سليمان من الرئيس الوفاء بوعده، إلا
أنه لم يف، بل كاد عمر سليمان يدفع حياته ثمناً، بعد أن أطلق عليه ثلاثة
مجهولين الرصاص وهو فى طريقه إلى القصر الرئاسى مساء يوم الأحد الثلاثين من
يناير، وظل الحادث غامضاً منذ هذا الوقت وحتى الآن ولكن بالتأكيد أن عملية
الاغتيال كانت تستهدف منعه من الاستمرار فى منصبه.
لماذا طلب الفريق سامى عنان من المشير عدم القسم على المصحف الشريف فى لقاء الأول من فبراير؟

لقد حكى اللواء عمر سليمان لى تفاصيل الواقعة فى منتصف عام 2011 وعندما
عدت إليه قبيل أن يرشح نفسه للرئاسة بقليل وطرحت سؤالى عليه: من كان صاحب
المصلحة؟ قال لى إن كل المؤشرات رجحت شخصاً بعينه، لكنى لا أريد أن أفتح
هذا الملف مرة أخرى، أدركت ماذا يعنى واحترمت رغبته فى هذا الوقت!! كان عمر
سليمان على علم بموعد خطاب الرئيس الذى كان يفترض أن يلقيه مساء الأربعاء 9
فبراير إلا أنه كان يعرف أن الضغوط التى تمارس على مبارك من نجله وزوجته
ربما تحول دون تحقيق رغبته التى عبر عنها أكثر من مرة.

لقد حكى اللواء عمر سليمان فى لقاء لى معه أن الرئيس السابق أبلغه
أكثر من مرة أنه غير راغب فى السلطة وأنه فقد الاهتمام بكل شىء منذ رحيل
حفيده محمد علاء، وأنه كان ينوى ترك الحكم إلا أنه قبل الاستمرار خوفاً من
المجهول، غير أنه فى هذه المرة أصبح على قناعة تامة بأن الوقت قد حان ليقضى
ما بقى له من عمر فى شرم الشيخ وبعيداً عن الحكم ومسئولياته.

فى هذا الوقت كان «مبارك» على يقين أن الجيش قد حسم أمره وأنه قرر
الانحياز للمتظاهرين، وأنه فتح أمامهم الطريق، وأنه مستعد للإعلان عن
التخلى عن السلطة فوراً لولا أنه كان يدرك أن استقالته بهذه الطريقة قد
تفتح الطريق أمام الصراعات المجتمعية مما يؤدى إلى الفوضى، واعتلاء جماعة
الإخوان لشئون الحكم فى البلاد.


مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 81680_660_2321745
مبارك خلال اخر خطاب له


فى الثامن من فبراير، كان النائب عمر سليمان، يلتقى رؤساء تحرير الصحف
القومية والحزبية والمستقلة بمقر القصر الجمهورى، كانت قوات الحرس تحيط
بالقصر من كل اتجاه، وكانت الأجواء تنبئ بتطورات خطيرة، كان الكل يشعر
بخطورة الموقف إلا الرئيس مبارك فقط كان لديه يقين حتى هذا الوقت بأن
الشباب الغاضب الذى يملأ الميادين سيعود، وينهى هذه التظاهرات، كما أن
الحرس الجمهورى سوف يحول دون إسقاط النظام، خاصة بعد أن فقد الثقة فى موقف
الجيش الذى أعلن انحيازه للشعب وللمتظاهرين.

فى الأول من فبراير كان المشير طنطاوى ورئيس الأركان الفريق سامى
عنان يتصدران مائدة الاجتماعات الملحقة بمكتب رئيس الأركان، كان هناك عدد
من قيادات الجيش الأساسيين، جرى تدارس الموقف وتقرر إصدار بيان سماه
المهندس سعد الحسينى، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان، بأنه يساوى قرار
الحرب فى أكتوبر.
كيف تطاول جمال مبارك على قائد الحرس الجمهورى بعد نزع الذخيرة الحية من رجال الحرس؟

كان البيان قوياً وحاسماً، لقد أعلن بوضوح الانحياز لأهداف الثورة
وتفهمه للمطالب المشروعة للمتظاهرين، وتضمن أيضاً رفض استخدام القوة، لقد
نزل البيان برداً وسلاماً على الميادين والشوارع، غير أنه أثار قلق النظام
ورئيسه.

كان الفريق سامى عنان يقود القسم على المصحف الشريف بأن يبقى كل شىء
سرياً وأن يخلص الجميع للشعب وللثورة، وقد طلبت فى هذا الوقت من المشير
طنطاوى أن يخرج ويترك القاعة حتى لا يكون ملزماً بالقسم فى حال أية مواجهة
مع الرئيس.

كان المشير قد اتخذ القرار منذ الاجتماع الأول للقادة فى السادس
والعشرين من يناير لن نستخدم العنف ولن نكون إلا مع الشعب، كان يدرك خطورة
الموقف لكنه وجدها فرصة سانحة لإنهاء حلم التوريث ولإعادة الكرامة المسلوبة
إلى المصريين.

فى مساء ذات اليوم وبعد إذاعة البيان، وجهت الرئاسة دعوة لعقد
اجتماع مع الرئيس، قبيل الذهاب كان رئيس الأركان قد ساوره الشك، والريبة،
لماذا الاجتماع فى هذا الوقت ولماذا حضوره هو والمشير فى وقت واحد؟!

كانت المعلومات المتوافرة لدى الفريق سامى عنان فى هذا الوقت قد
أشارت إلى أن محاولة اغتيال اللواء عمر سليمان كان هدفها التخلص منه حتى لا
يزاحم على الحكم والسلطة فلماذا لا تكون هذه الدعوة «شركاً» يدبر للمشير
ورئيس الأركان عقاباً لهما على موقفهما الذى جسده البيان الصادر من القوات
المسلحة..


مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 81681_660_2318784
حسين طنطاوى
طلب رئيس الأركان من اللواء حسن الروينى، قائد المنطقة المركزية، عضو
المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اتخاذ الإجراءات الأمنية الكفيلة بتأمين خط
السير من وزارة الدفاع إلى مقر الرئاسة.

فى الموعد المحدد، كانت هناك أربع سيارات للحراسة تحيط بموكب المشير
ورئيس الأركان، وكانت هناك دبابات ومدرعات على طول الطريق إلى قصر
الاتحادية حتى بدا الأمر وكأن هناك زحفاً عسكرياً إلى القصر الجمهورى.
مبارك قرر تسليم اختصاصاته كاملة إلى عمر سليمان يوم 29 يناير فكانت الرصاصات المجهولة

عندما وصل الموكب إلى الاتحادية، كان قائد الحرس الجمهورى، اللواء نجيب
عبدالسلام، فى استقبال المشير ورئيس الأركان، وعلى الفور بادر الفريق سامى
عنان وقال له لا نريد إذاعة الخبر بأى شكل من الأشكال فى وسائل الإعلام..
طلب منه أن يأتى إليه بمسئول الإعلام بالرئاسة لإبلاغه بالأمر، وبالفعل شدد
رئيس الأركان عليه بعدم نشر أو إذاعة خبر الاجتماع بين الرئيس وقادة
الجيش..

كان الفريق عنان يتخوف من الخديعة، وتصوير اللقاء على أنه مساندة من
الجيش للرئيس وهو أمر يعنى أن البيان الصادر صباح ذات اليوم عن القوات
المسلحة كان مجرد كلمات سرعان ما تطايرت فى الهواء، وهو أمر قد يحبط الثوار
والمتظاهرين ويسىء إلى قيادة الجيش!!

بعد قليل كان الرئيس مبارك يتصدر مائدة اللقاء وإلى جواره على يمين
المائدة اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس، وفى مواجهته الفريق أحمد شفيق،
رئيس الوزراء، ثم المشير حسين طنطاوى، وزير الدفاع، وفى مواجهته الفريق
سامى عنان، رئيس الأركان، ثم مقعد لوزير الداخلية، اللواء محمود وجدى، وفى
ومواجهته اللواء نجيب عبدالسلام، قائد الحرس الجمهورى.

كانت الأوضاع الأمنية حتى هذا الوقت تشهد توتراً متصاعداً، كثير من
الطرق تقطعت، المظاهرات تزحف من مناطق عديدة باتجاه ميدان التحرير، أعمال
العنف تنتشر فى أنحاء البلاد، وكل ذلك لم يمكن اللواء محمود وجدى، وزير
الداخلية، من حضور هذا اللقاء..!!

بدأ الرئيس فى هذا اللقاء برسالة أرادها أن تصل إلى المشير ورئيس
الأركان، قال: «لقد أعلن الجيش عن موقفه وأصدرتم بياناً صباح اليوم ألا
تدركون أنكم أنتم المسئولون عن حماية الشرعية، دار جدل بين المشير والرئيس
من جانب وبين رئيس الأركان والرئيس من جانب آخر.

كان الفريق سامى عنان الأكثر حدة فى المواجهة قال للرئيس بوضوح: نحن
قلنا لن نتورط فى إراقة دماء المتظاهرين وهذا موقف ثابت للقوات المسلحة،
رد عليه الرئيس دماء، دماء إيه، كفانا الله شر الدماء، أنا أردت فقط أن
أقول إنكم حسمتم أمركم، دون العودة إلىّ بصفتى القائد الأعلى للقوات
المسلحة وأصدرتم البيان والذى سوف يشجع المظاهرات على الاستمرار أرجو ألا
تنسوا أنكم أيضاً مسئولون عن حماية الشرعية، قالها وكررها للمرة الثانية.

استمر الرئيس فى حديثه مع الحاضرين أخطرهم بأنه سيعلن بياناً للشعب
بعد قليل وأنه سيؤكد فى هذا البيان أنه ليس له أى مطمع فى الاستمرار فى حكم
البلاد، وأن مطالب المتظاهرين ستجد استجابة واضحة وأن كل ما يخيفه هو
انتشار الفوضى أو استيلاء الإخوان المسلمين على البلاد فى حال التنحى عن
السلطة بشكل فجائى، وقال أيضاً إنه أكد أن نجله جمال ليس له أى مطمع فى
تولى منصب رئيس الجمهورية أو الترشح له..!!

انتهى الاجتماع وبدا الأمر لدى الفريق سامى عنان وكأن الرئيس يضمر
شيئاً، كان حذراً وحريصاً، قبيل أن ينصرف الجميع من القصر كان الفريق شفيق
يقف مع المشير طنطاوى يتحدثان سوياً وفى هذه اللحظات انتحى الفريق سامى
عنان بقائد الحرس الجمهورى وسأله: هل الذخيرة الموجودة مع رجال الحرس
الجمهورى أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون ذخيرة حية أم فشنك؟!

رد اللواء نجيب عبدالسلام: الذخيرة حية.

سأله الفريق عنان: وهل الذخيرة التى بيد الحرس الجمهورى داخل القصر وخارجه كذلك؟

رد قائد الحرس: نعم جميعها ذخيرة حية!!

هنا طلب الفريق عنان من قائد الحرس ضرورة إصدار تعليماته بنزع الذخيرة الحية من رجال الحرس الجمهورى فوراً واستبدالها بذخيرة «فشنك».

عمت السعادة وجه قائد الحرس، تنفس الصعداء، وجد فى هذا الأمر ضالته،
كان يتخوف من تورط الحرس الجمهورى فى عمليات قتل، حال تردى الأوضاع، نفذ
الأمر دون الرجوع إلى الرئيس أو استشارته.

كان المشير ورئيس الأركان يركبان سيارة واحدة فى طريق العودة تدارسا
الأمر ورد فعل الرئيس تحديداً على كلام الفريق سامى عنان وحدته، غير أن
الفريق سامى قال كان طبيعياً أن تكون لغتى حادة بهذا الشكل، كان على الرئيس
أن يعرف أن موقف الجيش ثابت، وأن عقيدتنا الوطنية تمنعنا أن نكون ضد
الشعب.

فى مساء هذا اليوم ألقى الرئيس مبارك خطابه قال: إنه سيعمل كل ما فى
وسعه خلال الأشهر المتبقية من ولايته لتأمين آليات آمنة لانتقال السلطة فى
البلاد، قال بثقة إن مصر ستخرج من الظروف الراهنة أقوى مما كانت عليه
وأكثر ثقة ووعياً وتماسكاً.

وقال الرئيس: إن أحداث الأيام القليلة الماضية تفرض علينا جميعاً
شعباً وقيادة الاختيار ما بين الفوضى والاستقرار وتطرح أمامنا ظروفاً جديدة
وواقعاً مصرياً مغايراً يتعين أن يتعامل معه شعبنا وقواتنا المسلحة بأقصى
قدر من الحكمة والحرص على مصالح مصر وأبنائها.

وقال إنه بادر بتشكيل حكومة جديدة وكلف نائب رئيس الجمهورية بالحوار
مع جميع القوى السياسية حول جميع القضايا المثارة للإصلاح السياسى وإجراء
التعديلات الدستورية والتشريعية من أجل تحقيق المطالب المشروعة واستعادة
الأمن والاستقرار فى البلاد.

وحذر الرئيس السابق فى خطابه من أن هناك قوى سياسية ترفض هذه الدعوة
إلى الحوار تمسكاً بأجنداتها الخاصة، دون مراعاة الظرف الدقيق الذى تمر به
البلاد.

فى هذا الخطاب راح مبارك يؤكد للمصريين أن مسئوليته تفرض عليه تحقيق
الانتقال السلمى للسلطة فى أجواء تحمى مصر والمصريين وتتيح تسليم
المسئولية لمن يختاره الشعب فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال بكل حسم: «أقولها بكل الصدق وبصرف النظر عن الظرف الراهن، إننى
لم أكن انتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة وقد قضيت ما يكفى من العمر فى
خدمة مصر وشعبها لكننى الآن حريص كل الحرص على أن اختتم عملى من أجل الوطن
بما يضمن تسليم أمانته ورايته ومصر عزيزة وآمنة ومستقرة وبما يحفظ الشرعية
ويحترم الدستور».

وفى هذا الخطاب استجاب مبارك للمطلب الشعبى الذى سخر منه كثيراً فى
وقت سابق بتعديل المادتين «76و77» من الدستور بما يعدل شروط الترشح لرئاسة
الجمهورية ويعتمد فترات محددة، وقال لكى يتمكن البرلمان الحالى بمجلسيه من
مناقشة التعديلات التشريعية المقترحة وما يرتبط بها فإننى أطالب البرلمان
بالالتزام بكلمة القضاء وأحكامه فى الطعون على الانتخابات التشريعية
الأخيرة دون إبطاء، كان مبارك يقصد بذلك الأحكام التى أصدرتها المحكمة
الإدارية العليا ببطلان الانتخابات التشريعية فى 99 دائرة.

لم ينس مبارك فى هذا الخطاب أن يؤكد أنه قد أعطى تعليماته إلى
السلطات الرقابية ومطالبة القضاء بأن يتخذ كافة إجراءاته لمواصلة ملاحقة
الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من انفلات أمنى وترويع
للآمنين.

جاءت كلماته الأخيرة فى هذا الخطاب لتثير عاطفة الكثيرين، خاصة من
عامة الناس، عندما قال: «إن حسنى مبارك الذى يتحدث إليكم اليوم، يعتز بما
قضاه من سنين طويلة فى خدمة مصر وشعبها، إن هذا الوطن العزيز هو وطنى مثلما
هو وطن لكل مصرى ومصرية، فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته
ومصالحه وعلى أرضه أموت، وسيحكم التاريخ علىّ وعلى غيرى بما لنا أو
علينا»!!

سادت حالة من السكينة أنحاء البلاد، اهتزت مشاعر الكثيرين، لقد أجاد
أنس الفقى، وزير الإعلام، صياغة العبارات العاطفية للخطاب وكان هو ومجموعة
القصر على ثقة تامة بأن مضمون الخطاب سوف تكون له آثاره الإيجايبة، لقد
جاءت كلماته لتسحر القلوب والعقول، خاصة أن سقف المطالب كان يتراوح بين
الإصلاحات المطلوبة وبين إسقاط النظام.

فى 26 و27 يناير كنت قد شاركت فى اعتصامات وتظاهرات جرت أمام مبنى
نقابة المحامين ونقابة الصحفيين، وفى الثامن والعشرين مضيت وشقيقى محمود
بكرى إلى الجامع الأزهر بهدف القيام بمظاهرة من هناك تتوجه إلى ميدان
التحرير.

كانت الإجراءات الأمنية شديدة لقد تم حصار الجامع الأزهر منذ
الصباح، صدرت التعليمات بمنع من هم أقل من 45 عاماً من الدخول والصلاة، كان
معنا الزميل المصور الصحفى أحمد فريد رفض لواء شرطة، كان يترأس الحملة
الأمنية أمام المسجد، دخوله ودخول أى من المصورين الصحفيين إلى داخل
المسجد.

كان خطيب المسجد يوجه انتقاداته إلى المظاهرات، استنكر الدعوة إلى
جمعة الغضب، راح يتحدث عن قضايا أخرى وبات كأنه فى وادٍ آخر، فجأة انطلقت
أصوات من داخل المسجد تعارضه، وبعد أن انتهينا من الصلاة وجدت نفسى أهتف
بسقوط النظام وانطلقت بنا مظاهرة ضخمة من داخل الأزهر باتجاه شارع الأزهر،
إلا أن المظاهرة توقفت أمام كوبرى الأزهر، حيث واجهت حشوداً كبيرة من رجال
الأمن المركزى.

استقللنا بعد قليل سيارة أحد الشباب ومضينا بالاتجاه العكسى من
ناحية السيدة عائشة متجهين إلى التحرير وبالقرب من الميدان باتجاه شارع قصر
العينى كانت هناك ترسانة من الجنود والضباط، تحول دون الوصول إلى الميدان
حاولنا ولم نستطع ثم مضينا إلى دار القضاء العالى حيث كانت تدور اشتباكات
عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، كانت المنطقة مغطاة بدخان القنابل المسيلة
للدموع وبعد أذان العصر بقليل كان رجال الشرطة يهربون ويحتمون داخل البيوت
والمؤسسات القريبة من موقع الأحداث.

مضينا إلى مصر صحيفة الأسبوع فى وسط العاصمة، وفى مساء ذات اليوم
كان خطاب الرئيس مبارك الذى تحدث فيه عن عزمه تغيير الحكومة، ثم تعيين نائب
للرئيس..

فى الثامنة من صباح التاسع والعشرين من يناير سلمت مقالى الأسبوعى،
الذى حمل عنوان «لا بديل عن الرحيل»، واستودعته مدير مكتبى، وليد زكى، الذى
كان ينام بمقر الصحيفة منذ بداية الأحداث مع آخرين، ووقفت أمام نقابة
المحامين بشارع رمسيس فى هذا الوقت المبكر من الصباح، أهتف فى عرض الشارع
«يسقط يسقط حسنى مبارك»، التف حولى المئات ثم الآلاف حملونى على الأعناق
ومضينا فى مظاهرة عارمة باتجاه ميدان التحرير مروراً بماسبيرو..

كانت قوات الجيش قد نزلت إلى عدد من الميادين فى الخامسة والنصف من
مساء الجمعة 28 يناير، مضينا بالمظاهرة، صعدت على ظهر ناقلة للجيش، ألقيت
خطاباً وسط الآلاف، ثم بقينا فى الميدان لعدة ساعات، ثم مضينا باتجاه مبنى
التليفزيون محمولاً على الأعناق، وأمام مبنى هيلتون النيل أصبت بإعياء
شديد..

لم أكن قد أخطرت شقيقى محمود بأننى سأنزل إلى الميدان، عرف الخبر من
السائق محمد على، فجاء مسرعاً ليرافقنى فى ميدان التحرير، أحد الأطباء
بقصر العينى لاحظ الإعياء الذى أصابنى فى المظاهرة، كان هو الدكتور محمد
أبوهميلة، رافقنى إلى قصر العينى، تولى د.شريف مختار، رئيس وحدة القلب،
متابعة حالتى، وتم احتجازى داخل وحدة القلب بقصر العينى، فقد كان هناك
اشتباه فى أن تكون هناك جلطة حول القلب.

كانت أعمال العنف ومحاولات اقتحام قصر العينى لا تتوقف، لم تكن هناك
أية قوات للأمن وحتى قوات الجيش لم تكن بقادرة على أن تسد الفراغ الأمنى
فى هذا الوقت.

كانت خطوط المواصلات والاتصالات مقطوعة ولم أتمكن من الاتصال
بأسرتى، كان القلق يعترينى، وكان الأطباء والممرضون ينقلون إلىّ أخبار
الشهداء والجرحى فى ميدان التحرير الذين كان مستشفى قصر العينى يتكدس بهم.

أمضيت نحو أربعة أيام محتجزاً داخل وحدة القلب بقصر العينى، كانت
الصحفية والكاتبة نجلاء بدير تزور وتتابع حالة بعض الجرحى فى المستشفى فى
هذا الوقت، عرفت بوجودى جاءت وأخطرتنى بحالتى الصحية وكنت قد قررت المغادرة
فى نفس هذا اليوم الأول من فبراير 2011.

كانت الاتصالات الهاتفية قد عادت مرة أخرى بعد الضغوط الدولية
والمحلية التى مورست على النظام، اتصلت بى قناة المحور فى هذا الوقت، دعانى
الزميل معتز الدمرداش إلى مائدة حوار فى برنامجه «90 دقيقة» مساء ذات
اليوم كنا أربعة مشاركين؛ د.سوزان القلينى، رئيس قسم الإعلام بكلية آداب
عين شمس، والكاتب الصحفى نصر القفاص والكاتب الصحفى محمد صلاح، وأنا.

اشتدت لغة الحوار، وجهنا انتقادات لاذعة إلى مواقف النظام وتبنيه
لخيار الفساد والاستبداد وفجأة توقف بث البرنامج على الهواء لنقل خطاب
الرئيس مبارك الذى ألقاه فى الأول من فبراير.

كان خطاباً عاطفياً اهتزت له مشاعر الكثيرين، ثم فُتح هاتف
الاتصالات للتعليق على الخطاب من المشاهدين، كانت جميع الاتصالات تنتقد
موقفنا من معاداة النظام، حملونا مسئولية الخراب الذى تشهده البلاد، قالت
لى إحدى المتصلات: لقد كنت أحترمك وأحترم مواقفك، ولكن الآن أنت مثلك مثل
الآخرين تسعون إلى خراب هذا البلد، حرام عليك، الرئيس استجاب لمطالبكم وقال
إنه لا يريد الحكم ولا ابنه يسعى للحكم، ثم أردفت القول: «أرجوك يا أستاذ
مصطفى اذهب غداً أنت ومن معك إلى ميدان التحرير وأقنعوا الشباب بأن يفض
المظاهرات إنقاذاً للبلد وحماية لأمنها واستقرارها».

كانت السيدة تبكى بحرقة، وراح الإعلامى معتز الدمرداش يسألنى بشكل
مباشر: «هل ستذهب غداً إلى الميدان وتقنع الشباب بالانصراف، فقلت له إن شاء
الله وأنا شخصياً رأيى بعد أن استجاب مبارك للعديد مما نطالب به، أن نمنحه
فرصة الأربعة أشهر القادمة بشرط تنفيذ المطالب حماية للبلاد واستقرارها
وهو ما أيدنى فيه بعض الحاضرين معى فى الندوة.

كانت الأجواء تقول إن جماعة الإخوان المسلمين التى رفضت المشاركة فى
المظاهرات من بدايتها قد دخلت إلى الميدان بقوة بدءاً من يوم الثامن
والعشرين من يناير، يبدو أنهم باتوا مقتنعين أن النظام يتهاوى، لقد وجدوا
فرصتهم للإجهاز عليه، وتولى قيادة الثورة التى كانت بلا قيادة معروفة حتى
هذا الوقت.

قال لى اللواء عمر سليمان فيما بعد إن المخابرات العامة رصدت
اتصالات خارجية بعناصر داخلية كشفت اللغز عن كيف جرت عملية فتح السجون
واقتحامها والإفراج عن عناصر تنتمى إلى حزب الله وإلى حركة حماس وكذلك
عناصر قيادية من جماعة الإخوان المسلمين.. كان كل شىء ينذر بالخطر، العشرات
من أقسام الشرطة تم حرقها، أكثر من 23 ألفاً من المساجين تمكنوا من
الهروب، وراح بعضهم يرتكب الجرائم؛ بلطجة وقطع طرق، البورصة خسرت نحو 72
مليار جنيه فى ساعات محدودة، كان كل شىء ينذر بالخطر.

فى صباح اليوم التالى 2 فبراير كانت موقعة الجمل التى لا تزال
أسرارها غامضة كيف وقعت؟ من تولى عملية الدفع بالصدام؟ ومن هؤلاء الذين
اعتلوا العمارات المحيطة بالميدان ومبنى الجامعة الأمريكية ليطلقوا رصاص
الخرطوش والمولوتوف ضد المتظاهرين فى ميدان التحرير؟ كانت هناك أسلحة
بالليزر توجه رصاصاتها، لقد سألت اللواء منصور العيسوى عندما تولى منصب
وزير الداخلية عن هوية هؤلاء؟ قال إن الشرطة لا تمتلك هذه الأسلحة، كانت
الإجابات لا تشفى غليلاً، كان هناك من يريد التصعيد وإشعال الموقف، خاصة
بعد أن انصرف الكثيرون عن الميدان فى صباح ذات اليوم وتحديداً بعد خطاب
مبارك العاطفى الذى ألقاه فى مساء اليوم السابق.

وفى هذا اليوم تلقى الفريق سامى عنان اتصالاً من اللواء نجيب
عبدالسلام، قائد الحرس الجمهورى، يطلب مقابلته لأمر مهم وعاجل، حكى اللواء
نجيب للفريق سامى عنان أن الرئيس استدعاه بعد انتهاء اللقاء السداسى الذى
حضره عمر سليمان وأحمد شفيق والمشير وسامى عنان وهو مع الرئيس وقد سأله عن
رأيه فيما قاله الفريق سامى عنان والمشير وموقف الجيش الذى عبر عنه فى
البيان الذى أصدره صباح ذات اليوم؟ فقال اللواء نجيب عبدالسلام: لقد أصدر
الفريق سامى عنان إليه أمراً بسحب الذخيرة الحية من جنود الحرس الجمهورى
وضباطه، خوفاً من حدوث عمليات عنف، وهو نفس ما جرى مع رجال الجيش، أبدى
الرئيس دهشته وسأل قائد الحرس: وماذا يعنى ذلك؟!

رد قائد الحرس: لقد نفذت تعليمات رئيس الأركان.

قال الرئيس: التعليمات يجب أن تصدر منى أنا!!

صمت قائد الحرس، حاول جمال مبارك التطاول عليه بالكلمات، قال: «انتم
حتضيعوا البلد، أنتم لا تقومون بدوركم فى حماية النظام، هذه مؤامرة ضد
الرئيس، لا يجب السماح بها»..

هدأ مبارك من مشاعر نجله، لم يصدر أمراً مخالفاًَ للواء نجيب
عبدالسلام، قال له: «أنا شخصياً لا أريد مزيداً من الدماء فى الشارع، وأنا
لن أبقى فى الحكم سوى شهور قليلة لأسلم السلطة إلى رئيس منتخب بطريقة تضمن
عدم الانهيار وسيادة الفوضى».

استمع الفريق سامى عنان إلى الرواية التى أبلغه بها قائد الحرس
الجمهورى، قال له لا تغيير فى الموقف، التعليمات للحرس الجمهورى تصدر عنى
أنا، ولا يجب تسليم رجال الحرس أية ذخيرة حية مهما كان رأى الرئيس..

قال قائد الحرس: الرئيس لم يطلب منى ذلك، لقد استسلم للقرار، ولم يصدر أية قرارات مخالفة.

قال الفريق: إذن على بركة الله.. موقفنا جميعاً هو الذى عبر عنه
البيان الصادر عن القوات المسلحة بعدم استخدام القوة وتفهم مطالب
المتظاهرين.

عاد اللواء نجيب عبدالسلام إلى القصر الجمهورى، كانت الأجواء تنبئ
بأزمة خانقة، لهيب النار كان قد انتشر فى ميدان التحرير، زجاجات المولوتوف
تكاد تصل إلى مناطق متعددة خارج الميدان، الوطن يشتغل من جديد.

كان الرئيس عصبياً تساءل: من المسئول عن الدفع ببعض المتظاهرين إلى
ميدان التحرير فى ظهر هذا اليوم؟ كان يردد بعصبية شديدة: هذه مؤامرة، لكنه
كان يعرف أيضاً أن هناك من استغل الحدث وأشعل النيران لإجهاض النتائج التى
تولدت عن خطابه.

أدرك مبارك أن من أرادوا إشعال النيران فى موقعة «الجمل» قد نجحوا
فى تحقيق أغراضهم، عاد المواطنون إلى الميدان من جديد، كثف الإخوان
المسلمون من وجودهم، حشدوا كوادرهم، مارست واشنطن ضغوطاً شديدة فى هذا
اليوم وما تلاه، توقف مبارك أمام تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلى «إيهود
باراك» قال فيه: «لا شك أن عهد مبارك قد انتهى، هناك أمر لا يشبه فى شىء ما
كان سابقاً»، بايدن، نائب الرئيس الأمريكى، أبلغ نظيره اللواء عمر سليمان
صبيحة الخميس 3 فبراير أنه لم يعد أمام الرئيس من خيار سوى «التنحى».

أدرك مبارك أن الخناق يضيق عليه، موقف يشتعل بالداخل، وضغوط تمارس
بكل قوة من الخارج، قرر أن يواجه الطوفان، خاصة بعد المكالمة الهاتفية
الساخنة التى جرت بينه وبين الرئيس أوباما قبيل ساعات قليلة من موقعة
الجمل، والآن تأكد الرئيس أن الأمريكان قد ضحوا به، وأنهم لن يسكتوا عنه،
كان يراهن على حدوث شىء ما، ينقذ نظامه، ويحول دون إدخال البلاد إلى
المجهول، كما كان يردد فى هذا الوقت، لكن التطورات اللاحقة كانت له
بالمرصاد.


مصطفى بكرى يكتب.. سامى عنان اقترح على «المشير» القيام بانقلاب عسكرى فى 29 يناير


مصطفى بكرى: أخطر 24 ساعة فى حكم "مبارك" "الحلقة الثانية"


فى صباح الخميس العاشر من فبراير دعا المشير طنطاوى إلى اجتماع للمجلس
الأعلى للقوات المسلحة، يبدو أنه اجتماع غير عادى، لحظة الصدام الكبير تطل
برأسها، لم يكن الاجتماع الأول، لكن تصوير الاجتماع وإذاعته على شاشة
التليفزيون دون حضور القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمر لا يخلو من دلالة،
ورسالة تحمل معانى كثيرة، إنه الإنذار الأخير.

كانت النقطة الوحيدة على جدول الأعمال «ماذا نفعل؟»، الرئيس لم يف
بوعده، ولم يظهر على شاشة التليفزيون فى السابعة من مساء أمس الأربعاء كما
وعد، كان يفترض أن يعلن عن نقل اختصاصاته لنائبه عمر سليمان، يستجيب لمطالب
الشارع، وينهى بذلك حالة الفوضى التى بدأت تزحف إلى جميع أنحاء البلاد.

«الوطن فى أزمة والبلاد تمضى نحو الهاوية»، كانت كلمات أطلقها
المشير فى بداية هذا الاجتماع التاريخى والمهم، دار نقاش مطول استمر عدة
ساعات، استمع المشير إلى تقييم القادة للحالة الراهنة، ورؤيتهم لدور القوات
المسلحة فى الساعات القادمة، المشير يجيد فن الاستماع جيداً، لكنه فى كثير
من الأحيان كان يبدأ النقاش ويعرف نهايته، أعضاء المجلس كانوا يدينون له
بالطاعة والاحترام، إنه الرجل الغامض العميق، هو يعرف تماماً ماذا يريد،
ليس مهما أن يفصح عما يريد، لكنه حتما ينتصر لإرادته!!

كان المشير حذراً صبوراً.. إنه لا يريد القفز على الواقع، هكذا
تاريخه على مدى السنوات التى تولى فيها منصب وزير الدفاع منذ عام 91، كان
شديد الحنق والغضب على سياسات جمال مبارك، كان يعرف أن كلماته تصل إلى آذان
الرئيس، لكنه لم يكن مستعداً للصدام أو الانقلاب، لو أرادها فقد جاءته
الفرصة أكثر من مرة.


مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 83088_660_34468611
الفريق أحمد شفيق
فى التاسع والعشرين من يناير كان الفريق سامى عنان، رئيس الأركان، قد
عاد لتوه من زيارة إلى الولايات المتحدة، كان دائم التواصل مع المشير من
هناك، أدرك أن الأوضاع سوف تمضى إلى مزيد من التردى، بعد انهيار الشرطة
ونزول الجيش إلى الشارع، توقع الفريق عنان أن البلاد سوف تمضى إلى الفوضى،
إنه يعرف عناد الرئيس، ويدرك دور السيدة الأولى ونجلها جمال، لقد اقترح على
المشير فى هذا الوقت -التاسع والعشرين من يناير- القيام بانقلاب عسكرى،
ينقذ الدولة المصرية من الانهيار، ثم يعقب ذلك إجراء التغييرات المناسبة
والإعداد لانتخابات رئاسية جديدة، كان الفريق سامى عنان يريد اختصار الزمن،
لكن المشير رفض الاقتراح فى هذا الوقت، وقال علينا أن ننتظر، حتما الشعب
سيجبره على التنحى.

المجلس العسكرى اجتمع دون قائده الأعلى بعد أن تراجع مبارك عن وعده يوم الأربعاء 9 فبراير
كان الجيش قد توقف عن إصدار بياناته، كان البيان الأخير هو الصادر فى 2
فبراير 2011، قبيل الاجتماع المهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى العاشر
من الشهر ذاته.. لقد أراد الجيش فى هذا الوقت أن يقول للشباب إن رسالتكم قد
وصلت، وإن مطالبكم قد عرفت، وأن الجيش والشعب قادران أن يغيرا الموقف
الحالى بالعزيمة والرجولة والشهامة.

لم يكن الجيش راغباً فى إنهاء المشهد دون مكاسب حقيقية للشعب، لو
أراد الجيش أن يدخل فى صدام مع الشارع لفعلها، لكنه كان يدرك أن الأمور قد
تنتهى بما آلت إليه الأوضاع فى سوريا فيما بعد، سقف المطالب أصبح عالياً
حده الأدنى حتى هذا الوقت نقل السلطة إلى النائب عمر سليمان.

كان الإخوان المسلمون يبعثون برسائل متعددة إلى صناع القرار، شبابهم
فى الميدان، وقادتهم يعلنون استعدادهم للحوار، ثم يشاركون فيه، يرفضون حتى
اللحظة الأخيرة رفع شعار رحيل الرئيس، كانت مطالبهم الأساسية إنهاء حالة
الطوارئ والإفراج عن المعتقلين وإجراء إصلاحات سياسية وانتخابات جديدة
للبرلمان.

فى هذا الوقت كانت التحذيرات لا تتوقف، الرئيس يدلى بحدث لقناة «إيه
بى سى نيوز» الأمريكية يؤكد مجدداً أنه لن يترشح مرة أخرى لمنصب الرئيس،
يحذر من خطر الفوضى والإخوان، وبعده يأتى عمر سليمان ليردد ذات الكلمات،
ويؤكد أنه ليس لديه الرغبة لترشيح نفسه لمنصب الرئيس فى نهاية فترة حكم
مبارك.

كان الجيش يدرك أن الكرة فى ملعبه، انطلقت النداءات من الميادين
تطالب بتدخله وحسم الأمر، إنقاذاً للبلاد. وحماية للشعب من الخطر الذى راح
يطل برأسه، بعد أن انتشرت أعمال الفوضى والبلطجة والانهيار الاقتصادى
الكبير.

فى هذا الوقت أدرك قادة الجيش معنى الكلمات التى طرحها الكاتب
والمفكر الكبير محمد حسنين هيكل فى مقال تاريخى نشره فى الثالث من فبراير
فى صحيفة «المصرى اليوم».

لقد انضم «الأستاذ» إلى جمهور المطالبين بتدخل الجيش فوراً إلى جانب الشعب، كان هيكل قد حدد الموقف على الوجه الآتى:

إن القوات المسلحة هى موطن القدرة فى فكر الدولة وأساسها، وليست مجرد أداة تحت سلطة أى نظام يظهر على الساحة.

إن القوات المسلحة دفعت إلى الميادين بحقائق الأشياء ذاتها، وطبائع
الأحوال ذاتها، وهى الآن فى الشارع حَكم فصل بين الشعب (أصل الشرعية
ومصدرها)، وبين سلطة لم تعد تملك إلا ما تقدر عليه من أدوات الإجبار وليس
مقومات الشرعية.

وبذلك فإن القوات المسلحة تجد نفسها فى موقع شديد الحساسية من
ناحية، فهى حامية الشرعية فى البلد ومن ناحية أخرى فإن الشرعية فى هذا
المنعطف التاريخى لم تعد فى موقع الحكم، لأن الشعب بملايينه نزع عن الحكم
مقومات شرعيته.

إن المأزق الراهن قد يتمثل فى أن الملايين من الجماهير التى أمسكت
بالشرعية فى يدها، لم تجد حتى هذه اللحظة تعبيراً سياسياً عنها، يستطيع أن
يتحدث من موضع ثقة.

إنه فى مقابل ذلك فإن القوات المسلحة فى هذه اللحظة تبدو حائرة بين
سلطة لم تعد تملك شرعية إصدار أمر إليها على جانب، وعلى جانب آخر مواقع
ومواطن للشرعية ليست لها حتى هذه اللحظة سلطة سياسية تعبر عنها، وتستطيع
إصدار قرار واضح المعالم وواجب التنفيذ على القوات المسلحة.

إن العقدة هى أن القوات المسلحة كانت أكثر مَن اتصل بشرعية
الملايين، ثم إن القوات المسلحة بظاهر الشكل تتلقى الأمر من الحكم وتلك
ليست عقدة سياسية ولكنها قضية وطن بأسره، ضميره ومصيره.

لقد حدد الأستاذ هيكل فى هذا المقال ثلاث خطوات أساسية يتوجب على القوات المسلحة اتخاذها فى هذا الوقت:

الخطوة الأولى: تأكيد ما أعلنته القوات المسلحة منذ اللحظة الأولى من أنها تتفهم مشروعية مطالب القوى الوطنية والشباب طليعتها.

الخطوة الثانية: ضمان فترة انتقال تفتح الطريق لوضع جديد يحكمه عقد
اجتماعى متحضر يمهد لدستور لا يكتبه محترفو التلفيق والتزوير، ولكن قانون
تصدره إرادة شعب حر، وبعدها يجىء دور الصياغة مع خبراء التشريع والقانون.

الخطوة الثالثة: ومع ضمان القوات المسلحة، فإنه من الضرورى أن يكون
هناك محفل وطنى جامع من عقلاء الأمة يحملون أمانة مشروعها، بحيث يعكس هذا
المحفل ليس فقط روح شباب 2011، لكن وجوده المباشر أيضاً.



مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 17766_660_558549
عمر سليمان
كان رهان الأستاذ هيكل على دور الجيش كبيراً، وكان يظن أن الساعات
القادمة حتما ستحدد بشكل أكثر وضوحاً انحيازه للشعب (أصل الشرعية) وللثورة
التى انطلقت فى كل الميادين.

مضت الساعات ثقيلة، الناس فى حالة ترقب، والثوار يرفضون مغادرة
الميدان، جماعة الإخوان تقف فى منتصف الطريق، قد تتقدم للأمام خطوة أو تعود
إلى الخلف خطوات، إنها تنتظر التطورات المقبلة، تسعى إلى إسقاط النظام
لتحل محله، لكنها تحذر المواجهة والصدام.

* * *

أصبح أعضاء المجلس العسكرى على يقين بأن استمرار الأوضاع على ما هى
عليه، قد يقود البلاد إلى فوضى عارمة، ظل إجماع المجلس ظهر الخميس 10
فبراير مستمراً لعدة ساعات، كانت الأجواء محتقنة، أحد أعضاء المجلس الأعلى
طرح اقتراحاً بالتحفظ على الرئيس فى مكان آمن وتشكيل مجلس رئاسى لإدارة
شئون البلاد من عسكريين ومدنيين، رفض المشير طنطاوى الفكرة، وقال علينا أن
ننتظر التطورات القادمة، أكد رئيس الأركان سامى عنان أن الجيش هو صاحب
القرار على الأرض وسيحافظ بكل ما يملك على أمن البلاد والسعى لإنقاذها من
أى مخاطر.

أحمد شفيق اقترح تنحى الرئيس ووافقة المشير ورئيس الأركان وأوكل الأمر لعمر سليمان
كانت الدعوات قد انطلقت بالزحف إلى القصر الجمهورى صباح الجمعة لمحاصرته
وإجبار الرئيس على الرحيل من منصبه، الحصار امتد إلى مبنى التليفزيون
ومبانى مجلس الوزراء ومجلس الشعب ومجلس الشورى، أصبح الرئيس فاقداً للسيطرة
على المؤسسات الرئيسية للدولة، لكن هناك من يتخوف من أن يندفع الرئيس فى
ظل حالة اليأس إلى إصدار قرار بعزل القيادات العسكرية الرئيسية للجيش، لقد
أصبح الطريق مفتوحاً لتطورات فجائية لا أحد يعرف مداها وأبعادها!!

بعد مناقشات مطولة، واقتراحات متعددة، قرر المشير إذاعة البيان
الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى اجتماعه يوم الخميس 10 فبراير، وفى
الساعة الخامسة وخمس وعشرين دقيقة كان اللواء إسماعيل عتمان، مدير الشئون
المعنوية، يطل من شاشة التليفزيون المصرى لإذاعة البيان التاريخى.

كان التليفزيون المصرى قد مهد لإصدار البيان المهم، بالإعلان عنه
أكثر من مرة، حبس المصريون أنفاسهم، كثيرون قالوا لقد أمسك الجيش بالسلطة
وانقلب على الرئيس، وفى الموعد المحدد كان البيان الأول غامضاً، لكنه أكد
أن شيئاً ما يعد من خلف ستار.

لقد أكد البيان: «إنه انطلاقاً من مسئولية القوات المسلحة،
والتزاماً بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصاً على سلامة الوطن
والمواطنين، ومكتسبات شعب مصر العظيم وتأكيداً وتأييدا لمطالب الشعب
المشروعة، انعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى
تاريخه وقرر الاستمرار فى الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من
إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموح شعب مصر العظيم».

هتف الثوار فى الميادين للجيش المصرى، أدرك المتظاهرون مجدداً أنهم
ليسوا وحدهم، وأن الساعة قد اقتربت، كان للبيان صدى كبير فى تحفيزهم على
الزحف إلى قصر الرئاسة، كانت التعليمات الصادرة من المشير ورئيس الأركان
«افتحوا أمامهم الطريق» لا تعرقلوهم، كان الحرس الجمهورى قد أعد أسلاكاً
شائكة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى القصر، وكانت تعليمات المشير «يجب
إزالة الحواجز، يجب أن يسمع الرئيس صوت الشعب، لا صوت المحيطين به»!!

* * *

بعد إذاعة بيان المجلس العسكرى على شاشة التليفزيون المصرى، أصبح
لدى الرئيس قناعة بضرورة حسم الأمر سريعاً، كان مبارك قد أعد عدته وكلف
السفير سليمان عواد، المتحدث باسم الرئاسة، بإعداد بيان ينقل فيه الرئيس
اختصاصاته لنائبه عمر سليمان.

اجتمع الرئيس بحضور نجله جمال ووزير الإعلام أنس الفقى وزكريا عزمى
والسفير سليمان عواد لمناقشة فحوى الخطاب ومضمونه، تم حذف بعض العبارات
وتقديم أخرى، كان الخطاب طويلاً ومملاً، راح الرئيس يؤكد مجدداً التزامه
بما تعهد به سابقاً بكل الصدق والجدية كما قال، اعترف بأن نظامه ارتكب
أخطاء عديدة، وقال إنه عازم على تصحيحها، قال إنه لن يرشح نفسه مرة أخرى
للانتخابات الرئاسية وإنه مستمر فى ممارسة مسئوليته حتى يتم تسليم السلطة
لرئيس منتخب فى سبتمبر المقبل، قال إنه بصدد إجراء التعديلات الدستورية
المطلوبة ومتابعتها، وإنه أصدر تعليماته بالانتهاء من التحقيقات فى سقوط
الشهداء الجرحى وإحالتها للنائب العام، ثم راح الرئيس يتحدث عن نفسه وعن
دوره فى الدفاع عن الوطن منذ كان شاباً صغيراً.

وبعد المقدمة الطويلة قال مبارك: «إننى إذ أعى تماماً خطورة المفترق
الصعب، واقتناعاً من جانبى بأن مصر تجتاز لحظة فارقة فى تاريخها تفرض
علينا جميعاً تغليب المصلحة العليا للوطن، وأن نضع مصر أولاً فوق أى
اعتبار؛ فقد رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية فى اختصاصات رئيس الجمهورية
على النحو الذى يحدده الدستور».

فى هذا المساء كنت والصديق مجدى الجلاد وآخرون فى لقاء مع الإعلامى
عمرو الليثى استمر لـ6 ساعات على الهواء فى قناة «دريم» لتحليل التطورات
والأوضاع التى تشهدها البلاد فى ضوء البيان الصادر من المجلس العسكرى،
وعندما أذيع بيان الرئيس مبارك بدأت ردود الأفعال تتوالى، وكان من رأيى أنا
و«الجلاد» التحذير من خطورة الزحف إلى قصر الرئاسة، خوفاً من تردى الأوضاع
وانفلاتها وقيام الحرس الجمهورى بالاعتداء على المتظاهرين، وكان وائل غنيم
وآخرون قد أدلوا بتصريحات قريبة من هذا الطرح إلا أنه وبعد رفض الميدان
لقرار مبارك بتفويض عمر سليمان والإصرار على الرحيل، أدلى وائل غنيم
بتصريحات قال فيها «إن تصريحاته السابقة جرى تحريفها».

فى هذا الوقت المتأخر من المساء، جرى الاتفاق بين نائب الرئيس
والمشير طنطاوى على ضرورة أن يغادر الرئيس مبارك إلى شرم الشيخ حتى يمارس
نائب الرئيس صلاحياته الجديدة بحرية، ودون تدخل من الرئيس، حتى لا يبدو
الأمر أمام الشارع وكأنه سيناريو متفق عليه.

اتصل نائب الرئيس برئيس الجمهورية وأبلغه بضرورة أن يغادر إلى شرم
الشيخ فى اليوم التالى، خاصة أن المتظاهرين عازمون على الزحف إلى القصر
الرئاسى، لم يعترض مبارك، قال إنه سيغادر بعد صلاة الجمعة مباشرة.

فى الثانية عشرة والنصف من بعد منتصف ليل الخميس العاشر من فبراير
اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وظل الاجتماع مستمراً حتى الثالثة
والنصف فجراً، كان العنوان الرئيسى للحوار «ماذا بعد قرار الرئيس بنقل
اختصاصاته إلى النائب عمر سليمان؟».

كان الاتجاه الغالب فى هذه المناقشات هو تحديد الموقف النهائى
للقوات المسلحة فى ضوء تطورات الأحداث التى ستشهدها منطقة القصر الرئاسى
ظهر الجمعة 11 فبراير، إلا أنه تم الاتفاق على أن يصدر المجلس الأعلى
بياناً يتعهد فيه بضمان تنفيذ المطالب الشعبية المعلنة.

وفى العاشرة من صباح الجمعة عقد المجلس العسكرى اجتماعاً ثالثاً
لمتابعة ردود الأفعال وتطورات الأزمة، وأصدر فى الحادية عشرة وخمسين دقيقة
بيانه الثانى والذى أكد فيه أنه فى ضوء تفويض نائب رئيس الجمهورية
باختصاصات الرئيس، وفى إطار مسئولية القوات المسلحة فى حفظ استقرار الوطن
وسلامته فقد قرر المجلس ضمان تنفيذ الإجراءات الآتية:

إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية.

إجراء التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها.
عمر سليمان يطلب من مبارك المغادرة إلى شرم الشيخ والرئيس يطلب مهلة حتى الصباح
الفصل فى الطعون الانتخابية وما يلزم بشأنها من إجراءات.

إجراء التعديلات التشريعية اللازمة.

إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة فى ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية.

تلتزم القوات المسلحة برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعى لتحقيقها من خلال متابعة تنفيذ هذه الإجراءات

فى التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم حتى تمام الانتقال السلمى للسلطة وصولاً للمجتمع الديمقراطى الحر الذى يتطلع إليه أبناء الشعب.

تؤكد القوات المسلحة على عدم الملاحقة الأمنية للشرفاء الذين رفضوا
الفساد وطالبوا بالإصلاح، وتحذر من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين،
كما تؤكد على ضرورة انتظام العمل بمرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية
حفاظاً على مصالح وممتلكات شعبنا العظيم.

فى هذا الوقت رحب مجموعة من أبرز شباب الثورة ببيان المجلس الأعلى
للقوات المسلحة وأصدروا بياناً وقع عليه كل من وائل غنيم، مصطفى النجار،
عمرو سلامة، محمد دياب، عبدالمنعم إمام، وعبدالرحمن يوسف، أكدوا فيه
ترحيبهم ببيان القوات المسلحة رقم «2» والذى أكد على ضمان إجراء الإصلاحات
السياسية والتشريعية، كما أصدروا بياناً تضمن 11 مطلباً شعبياً، أبرزها:

ضمان جدية التنحى الشرفى للرئيس مبارك وعدم عودته لسدة الحكم تحت أى ظرف من الظروف.

إنهاء حالة الطوارئ بأسرع وقت وإعادة الانتخابات فى كل الدوائر التى صدر بحقها أحكام قضائية ببطلان الانتخابات فيها.

تمكين القضاء المصرى من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمتها.

كفالة حق الترشح فى الانتخابات الرئاسية دون قيود وقصر حق الترشح على فترتين.

إطلاق حرية تكوين الأحزاب فوراً وأن تكون بمجرد الإخطار.

إطلاق حرية الإعلام وحق تكوين الصحف والقنوات الفضائية.

إطلاق سراح المعتقلين وملاحقة ومحاكمة المسئولين عن الجرائم فى حق
شباب مصر وملاحقة وإيقاف رموز الفساد ومصادرة أموالهم التى سرقوها من قوت
الشعب وإعادة بناء المؤسسة الأمنية على أسس شفافة تمنع التغول والتعذيب
وترهيب المواطنين.

تشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية
حتى شهر سبتمبر وتهيئ البلاد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة،
ويستلزم تحقيق بعض تلك الإجراءات والضمانات تعديل المواد 76، 77، 88 وكل
المواد الأخرى التى تضمن الانتقال السلمى للسلطة وأيضاً الرقابة على
الانتخابات وأن تجرى عن طريق الرقم القومى وتمكين القضاء من الإشراف الكامل
عليها.

وقال البيان: «نؤكد ثقتنا فى جيشنا وقد أسعدنا بيان القوات المسلحة
الأخير والذى تعهد بإتمام التحول الديمقراطى ونحن نقبل بكل ما فيه ونؤكد
على النقاط الإحدى عشرة السابقة».

وقد نشرت صحيفة «أخبار اليوم» وغيرها من وسائل الإعلام البيان الذى
أكد قبول الثوار الستة لقرار الرئيس بنقل الاختصاصات لنائبه عمر سليمان
وقبولهم لإعلان التنحى الشرفى للرئيس مبارك شريطة عدم عودته لسدة الحكم مرة
أخرى لحين إجراء الانتخابات الرئاسية فى شهر سبتمبر المقبل، غير أن فئات
كثيرة من المتظاهرين مضت نحو القصر الرئاسى، خاصة أن خطباء العديد من
المساجد دعوا إلى استمرار التظاهرات لحين إسقاط النظام نهائياً.

كان كل شىء ينذر بالمواجهة، قبيل صلاة الجمعة بقليل كان اللواء عمر
سليمان يمارس مهامه من داخل القصر الرئاسى، وعندما بدأت طلائع المتظاهرين
تزحف نحو القصر، نصحة معاونوه بأن يترك القصر على الفور، خوفاً من حدوث
تطورات غير محسوبة قد تؤدى إلى اقتحام القصر الرئاسى.

خرج اللواء عمر سليمان بسيارته واتجه إلى مقر الحرس الجمهورى، حيث
أدى الصلاة هناك، وكان معه الفريق أحمد شفيق واللواء نجيب عبدالسلام، قائد
الحرس الجمهورى، ود. زكريا عزمى، وبعد قليل حضر إليهم علاء مبارك فنصحه
اللواء عمر سليمان بأن يصطحب والدته وشقيقه جمال وبقية الأسرة ويلحقوا
بالرئيس مبارك الذى كان قد غادر منذ قليل بطائرة هليكوبتر من القصر الرئاسى
إلى مطار ألماظة ومنه إلى شرم الشيخ.

اقتنع علاء مبارك بنصيحة اللواء عمر سليمان، وبالفعل اصطحب زوجته
ونجله عمر وغادروا فى طائرة خاصة إلى شرم الشيخ، بينما أصرت سوزان ونجلها
جمال على البقاء فى منزل الأسرة الواقع فى مواجهة القصر الرئاسى
بالاتحادية.

فى الواحدة والنصف ظهراً اتصل اللواء عمر سليمان بالمشير طنطاوى،
وأبلغه أنه قادم إليه هو والفريق شفيق لدراسة آخر التطورات والأوضاع التى
تشهدها البلاد.

فى هذا الوقت كان الرئيس مبارك قد وصل إلى شرم الشيخ وبصحبته مجموعة محدودة من رجال الحرس والسكرتارية وطبيبه الخاص وطباخه الخاص.

اتجه الرئيس على الفور إلى مقر إق


عدل سابقا من قبل بلبل حيران في الجمعة 22 فبراير 2013, 1:47 pm عدل 1 مرات
بلبل حيران
بلبل حيران
مشرف مميز
مشرف مميز

الجنس : ذكر عدد المساهمات : 3273
تاريخ التسجيل : 05/09/2011
المزاج المزاج : عال والحمد لله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» Empty رد: مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك»

مُساهمة من طرف بلبل حيران الجمعة 22 فبراير 2013, 1:29 pm

مصطفى بكرى يكتب: المشير اقترح تشكيل «مجلس رئاسى» يضم سليمان وشفيق والبرادعى.. وممثلاً عن الإخوان

أخطر 24 ساعة في حكم «مبارك» (الحلقة الثالثة)

كتم الحاضرون أنفاسهم، تركزت العيون على اللواء عمر سليمان وهو يمسك
الهاتف فى انتظار مكالمة رئيس الجمهورية الذى كان قد غادر لتوه إلى شرم
الشيخ.. كان المشير طنطاوى يشعر بعبء الأزمة ومخاطرها، الجماهير مستمرة فى
زحفها باتجاه القصر الجمهورى، والحرس الجمهورى فى حيرة من أمره، ومخاوف
اقتحام القصر الجمهورى تتصاعد.

بعد قليل بدأ النائب عمر سليمان حديثه مع الرئيس مبارك، شرح له
الأوضاع وخطورتها، قال له إن الموقف الأمنى يزداد صعوبة ولا بد من البحث عن
حل خوفاً من تردى الأوضاع وحدوث انفلات وفوضى عارمة.

كان مبارك يظن أن قرار نقل اختصاصاته لنائبه يمكن أن يهدئ الأجواء،
ويدفع المتظاهرين إلى العودة لمساكنهم. بدا الرئيس مندهشاً، بادر على الفور
بالقول: وما الذى يمكن أن أقدمه؟ لقد تركت القاهرة وجئت إلى شرم الشيخ، لم
تعد لى أى سلطة، السلطة انتقلت إليك.

عمر سليمان: ولكن الأوضاع تزداد تدهوراً يا ريّس.. لازم نشوف حل.

الرئيس: فيه إيه تانى؟!

عمر سليمان: لأ، الوضع صعب جداً!!

الرئيس: أنا قدمت كل ما عندى وفوضتك فى كل المسئوليات.. اتصرّف انت، البركة فيك.

عمر سليمان: الناس رافضة التفويض يا ريس.

الرئيس: ليه.. عاوزين إيه؟ أنا تركت كل حاجة وجيت على شرم الشيخ، إيه المطلوب منى أكتر من كده؟

عمر سليمان: الناس مش مقتنعة، وبتقول إن دى تمثيلية!!

الرئيس: تمثيلية ازاى يا عمر، بالذمة ده كلام؟ أنا مش عاوز حاجة، أنا خلاص حارتاح من المسئولية والحكم ومشاكله.. اتصرّف انت!!

عمر سليمان: أتصرف ازاى يا ريس؟ المتظاهرين بيرفضوا أى قرار وغير مقتنعين بأى كلام، افتح التليفزيون يا ريس.

الرئيس: فيه إيه فى التليفزيون؟

عمر سليمان: الجماهير تزحف إلى القصر الجمهورى وتحاصره.


مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 84313_660_55854911
عمر سليمان


الرئيس: طب والباقيين رأيهم إيه؟!

عمر سليمان: هذا ليس رأيى وحدى، هذا رأى جماعى، أنا موجود وإلى
جوارى الفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوى والفريق سامى عنان، كلنا متفقين على
هذا القرار.

الرئيس: طيب إذا كان مفيش غير كده، ابعت لى التليفزيون واكتب الصيغة علشان أقولها فى خطاب قصير للناس.

عمر سليمان: مفيش وقت يا ريس.. إزاى أبعت التليفزيون لشرم الشيخ
ونظل منتظرين الأوضاع فى البلاد تتفاقم، وأنا خايف أحسن البلد تدخل فى بحور
من الدم، أرجوك يا ريس عاوزين نخلص.

الرئيس: إنت عارف يا عمر أنا ولا عاوز موت ولا عاوز دم، أنا سبت كل
حاجة وجيت شرم الشيخ مش عاوز حاجة، بس قولى انت وضعك حيكون إيه بعد التنحى!

عمر سليمان: أنا لا يهمنى حيكون وضعى إيه، المهم ننقذ البلد وبأقصى سرعة.

الرئيس: طيب شوفوا الصيغة المطلوبة وقل لى وخلى بالك، لازم تدرسوها من الناحية الدستورية كويس، حتى لا تقعوا فى حيص بيص.

عمر سليمان: إحنا هندرس الموقف من الناحية الدستورية وهاكلمك.

الرئيس: وأنا فى الانتظار.

أبلغ اللواء عمر سليمان الحاضرين بتفاصيل ردود الرئيس التى كانوا
يتابعونها بالقرب منه، قال لهم: الرئيس لم يعترض على شىء، الراجل خايف على
البلد وكان متجاوب رغم قسوتى عليه!!

كلف المشير طنطاوى اللواء ممدوح شاهين للاتصال بأحد كبار المتخصصين فى القانون والدستور والتشاور معه فى الصيغة الدستورية المناسبة.

كانت المادة 76 من دستور 71 تضع تعقيدات عديدة أمام ترشيح المستقلين
لمنصب رئيس الجمهورية، فالمرشح يحتاج إلى تأييد 250 عضواً على الأقل من
الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى، كما أنها تضع قيوداً على مرشحى
الأحزاب واشترطت ضرورة أن يكون لكل حزب سياسى نائب فى البرلمان كى يكون له
الحق فى ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا، وكان يعنى ذلك حرمان غالبية الأحزاب
من الترشح وفقاً لهذه المادة.

أما المادة 78 من الدستور فقد نصت على بدء الإجراءات لاختيار رئيس الجمهورية الجديد قبل انتهاء مدة الرئيس بستين يوماً على الأقل.

أما المادة 189 فقد كانت تمثل عائقاً أمام إجراء التعديلات
الدستورية بشكل سريع لأنها نصت على «لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب
تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى طلب التعديل المواد
المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل، ونصت المادة على أنه
إذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش الطلب بعد شهرين من تاريخ هذه
الموافقة» ثم يُعرض الأمر على الشعب للاستفتاء.

وكانت المادة 82 من الدستور هى الأخطر فى سيناريو الأحداث التى كانت
تشهدها البلاد، فقد نصت هذه المادة على أنه «إذا قام مانع مؤقت يحول دون
مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس
الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، ولا يجوز
لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس
الشورى أو إقالة الحكومة».

لقد تدارس المختصون فى هذا الوقت هذه المواد الدستورية، وكان من
رأيهم أن الرئيس وحده هو صاحب الحق فى إجراء التعديلات الدستورية، ولذلك
وقّع مبارك على إحالة هذه العديلات إلى مجلس الشعب قبيل أن ينقل اختصاصاته
إلى نائبه عمر سليمان، ولهذا السبب أيضاً تردد مبارك فى حل مجلس الشعب
كواحد من مطالب الثورة على أساس أن المجلس ستوكل له مهمة تعديل الدستور حتى
يجرى تعديل المواد التى تعوق إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تخضع
لإشراف قضائى وتزال من أمامها معوقات الترشيح.

كان مبارك يقول للمقربين منه فى هذا الوقت إنه إذا تنحى عن السلطة
فلن تكون هناك إمكانية لإجراء التعديلات الدستورية إلا عبر رئيس الجمهورية
أو مجلس الشعب وفقاً لما ينص عليه الدستور، ولذلك طلب إمهاله فترة من الوقت
لحين إجراء هذه التعديلات ثم يجرى حل مجلس الشعب بعد أن يوافق عليها
وبعدها يفتح الباب أمام انتخابات الرئاسة فى شهر يوليو المقبل، أى بعد خمسة
أشهر من تاريخه.

لقد أكد لى اللواء عمر سليمان أن مبارك لم يكن ضد إجراء انتخابات
رئاسية مبكرة، إلا أنه كان يقول: دعونا ننتهى من إجراء التعديلات الدستورية
أولاً، ثم تجرى الانتخابات الرئاسية تحت إشراف القضاء ومنظمات المجتمع
المدنى.

لم يكن أحد مستعداً أن يقرأ مثل هذه التفاصيل، كان هناك رأى عام
يرفع شعاراً واحداً ووحيداً «ارحل» دون أن يفكر الناس حتى هذا الوقت فى من
هو البديل؟!

كان كل من يغامر برأى مخالف فى هذا الوقت يُتهم بالتخوين والمتاجرة
بدماء الشهداء، وكانت عناصر الإخوان تحرض من خلف ستار لأنها تعرف أنها
ستكون البديل الوحيد للنظام فى غياب وضعف القوى السياسية الأخرى، وكانت
خطتها أن الجيش لن يستمر طويلاً فى الفترة الانتقالية، ومن ثم يجب
الاستعداد بعد إسقاط النظام لتولى مهام السلطة فى البلاد عبر الانتخاب
المباشر..

لماذا رفض مبارك مغادرة مصر.. ولماذا رفض الحصانة القضائية؟!
كان اللواء عمر سليمان يدرك هذه الحقيقة. لقد التقيته وتحاورت معه
كثيراً أثناء إعداد كتابى «الجيش والثورة»، حيث كان يداوم على الذهاب إلى
مستشفى وادى النيل عصر كل أربعاء خلال الفترة التى تلت سقوط النظام وحتى
أيامه الأخيرة، وحكى لى تفصيلياً هذه الحوارات واللقاءات، وكان يتوقع منذ
البداية وصول الإخوان المسلمين لحكم البلاد وإقصاء كل من يخالفهم الرأى
وصولاً إلى السيطرة والأخونة الكاملة لجميع مؤسسات الدولة.

كان الرأى الدستورى الذى أُبلغ إلى الأربعة الكبار يقول: لا خيار
سوى تنازل الرئيس عن السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة استناداً إلى
مبدأ الشرعية الثورية، فهذا وحده الذى يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة، والمجلس
الأعلى سوف يتولى بصفته الهيئة التأسيسية مهام السلطة التشريعية
والتنفيذية فى البلاد لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى وقت
لاحق.

كانت الصيغة التى جرى الاتفاق عليها تقول: «أيها المواطنون، فى هذه
الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تنحيه عن
منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد
والله الموفق والمستعان».

لقد كان ذلك هو رأى اللواء عمر سليمان منذ البداية، أن تسلم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة استناداً إلى الشرعية الثورية.

بعدها على الفور أعاد عمر سليمان الاتصال مجدداً بالرئيس مبارك وقال له: كان أمامنا خياران:

الأول: هو أن يقوم رئيس الجمهورية بتكليف د. فتحى سرور بصفته رئيساً
لمجلس الشعب الحالى أو حتى رئيس المحكمة الدستورية العليا بتولى منصب رئيس
الجمهورية لفترة مؤقتة ولمدة ستين يوماً كما يحدد الدستور وبعدها تجرى
انتخابات الرئاسة وفقاً للدستور القديم، لأنه لن يكون هناك وقت لإجراء
التعديلات الدستورية استناداً إلى المادة 189 من الدستور التى تشترط على
مجلس الشعب مناقشة طلب التعديل بعد مرور شهرين من تقديمه، وهو ما يعنى أن
تجرى انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة استناداً إلى دستور 71 والذى يعنى
أن انتخابات الرئاسة ستجرى بالمواد الدستورية القديمة ذاتها التى تحول دون
ترشيح المستقلين، وغالبية الأحزاب الأخرى فى ظل غياب الإشراف القضائى ودون
تحديد مدة رئاسة الجمهورية.

أما الخيار الثانى، وهو الصحيح، فهو تكليف المجلس الأعلى للقوات
المسلحة بإدارة شئون البلاد، وهذا أمر غير دستورى ما لم يوافق الرئيس على
منحه الشرعية الثورية.

قرر مبارك الموافقة على الفور على الاقتراح الثانى لأنه يمثل الخروج
من الأزمة، أما لو كان قد تنحى عن الحكم وأسند الأمر إلى رئيس مجلس الشعب
فقد كانت البلاد سوف تمضى إلى أزمة عميقة، ذلك أن رئيس مجلس الشعب لم يكن
فى سلطته إجراء التعديلات الدستورية أو اعتمادها أو مد الفترة التى سيتولى
فيها منصب رئيس الجمهورية بما يزيد على الستين يوماً التى حددها الدستور.

وقال مبارك لعمر سليمان: أنا موافق على تكليف المجلس الأعلى للقوات
المسلحة بإدارة شئون البلاد، ولكن أرجو استبدال كلمة «تنحيه» عن منصب رئيس
الجمهورية كما ورد فى البيان إلى «تخليه» عن منصب رئيس الجمهورية.

«مبارك» لـ«سليمان»: «أنا مش عاوز حاجة.. أنا خلاص هرتاح من المسئولية والحكم ومشاكله.. اتصرف أنت»
طلب مبارك من عمر ألا يذيع هذا البيان إلا بعد مغادرة سوزان مبارك ونجله جمال المقر الرئاسى إلى شرم الشيخ حتى لا يتعرضا للإيذاء.

وافق عمر سليمان على ذلك، وطلب من الرئيس أن يجرى اتصالاته بهما لإقناعهما بالمغادرة فوراً.

قبيل أن ينهى عمر سليمان المكالمة سأل الرئيس عما إذا كانت له أية طلبات أخرى؟!

فقال مبارك: لا أريد شيئاً، فقط خلوا بالكم من البلد.

قال عمر سليمان: ألا تفكر فى السفر أنت والعائلة إلى الخارج.

قال مبارك: وأسافر برّه ليه، أنا حاقعد فى شرم الشيخ ولن أغادر مصر
إلا للضرورة، ولكن لأعود مرة أخرى وليس فى جدولى الآن مغادرة البلاد.

قال عمر سليمان: نعطيك فترة أسبوع للتفكير.

قال مبارك: ولا أسبوع ولا غيره أنا باق فى مصر.

قال: طيب ما رأيك فى أن تكون لك حصانة قضائية؟ لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تمضى الأمور.

قال مبارك: حصانة قضائية ليه هو أنا عملت حاجة؟ أنا ستين سنة وأنا
باخدم مصر.. أنا مش عاوز أى حصانة، لو كان هناك حاجة غلط عملتها أنا مستعد
للمحاسبة. أنا لو قبلت بالحصانة معنى ذلك إن هناك شىء عاوز أتستر عليه.

عدّل عمر سليمان صيغة البيان كما طلب مبارك. استدعى الفريق سامى
عنان اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لتجهيز
كاميرات التصوير. لقد جرى الاتفاق على أن يقوم اللواء سليمان بإلقاء البيان
بنفسه، حتى يتأكد الناس أن ما جرى لم يكن انقلاباً عسكرياً، وإنما قرار
توافقى، بدليل أن نائب الرئيس هو الذى يلقى البيان، كما تم الاتفاق على أن
يجرى تسجيل البيان داخل مبنى وزارة الدفاع، وأن يقوم اللواء إسماعيل عتمان
بتوصيل شريط الفيديو إلى مبنى التليفزيون ومتابعة إذاعته فى السادسة مساءً.



مصطفى بكري يكتب.. أخطر 24 ساعة فى حكم «مبارك» 84312_660_2304504_opt11حسني مبارك


لقد جرى التسجيل فى الساعة الرابعة من بعد عصر الحادى عشر من فبراير، ثم
تسلم اللواء إسماعيل عتمان شريط الفيديو ومضى ومعه سائقه إلى مبنى
التليفزيون على كورنيش النيل لإذاعته فى الوقت المحدد.

قبيل أن يغادر هو وسائقه، قال له الفريق سامى عنان: «أنت الآن فى
مهمة خطيرة، يتحدد فى ضوئها مستقبل البلاد. ابذل كل جهدك وحافظ على السرية
الكاملة، وأتمنى أن تكون جاهزاً قبل السادسة مساء، ولا تُذع شريط الفيديو
إلا بعد أن أتصل بك».

كان كل شىء قد اكتمل. قبل التسجيل بقليل جرى الاتفاق بين الأربعة
الكبار على تشكيل مجلس رئاسى يدير شئون الحكم كهيئة تنفيذية إلى جانب
المجلس العسكرى، وتم الاتفاق على أن يشكل المجلس الرئاسى من خمسة أشخاص هم:

1- المشير حسين طنطاوى.

2- اللواء عمر سليمان.

3- الفريق أحمد شفيق.

4- ممثل عن التيارات الليبرالية واقتُرح «د. محمد البرادعى».

5- ممثل عن الإخوان المسلمين «لم يُقترح اسمه». تواعد الحاضرون على
الاجتماع فى العاشرة من صباح اليوم التالى، السبت 12 فبراير، إلا أنه وبعد
مناقشة الفكرة خلال اجتماع المجلس العسكرى مساء ذات اليوم، الجمعة، جرى
تأجيل القرار، وبالفعل تم الاتصال بكل من اللواء عمر سليمان والفريق أحمد
شفيق لتأجيل الموعد المقرر، ثم تم صرف النظر عن الفكرة نهائياً بعد ذلك.

كان المشير طنطاوى يتخوف من أن يثير تشكيل هذا المجلس ردود فعل
غاضبة فى الشارع، فقرر التراجع عن الفكرة مع الإبقاء على الفريق أحمد شفيق
كرئيس للوزراء.

أجرى اللواء عمر سليمان اتصالات متعددة بجمال مبارك، طلب منه خلالها
ضرورة اصطحاب والدته والمغادرة إلى شرم الشيخ. لم يبلغه بقرار الرئيس
بالتخلى عن السلطة، كما أن مبارك تعمد عدم إبلاغ نجله أو زوجته لأنه يعرف
رفضهما لذلك، وإنما طلب منهما ضرورة الحضور سريعاً إلى شرم الشيخ.

لقد ظل عمر سليمان يلح على جمال مبارك مرات عديدة، إلا أن نجل
الرئيس كان يبلغه كل مرة أن والدته ترفض المغادرة وتقول: «لن أترك بيتى».

وفى نحو الخامسة إلا ربع أبلغ جمال مبارك اللواء عمر سليمان بأنه سيغادر هو ووالدته بعد قليل إلى شرم الشيخ.

كانت الحشود الجماهيرية قد تزايدت فى الشارع الذى يفصل بين قصر
الاتحادية ومقر الرئيس. شعر جمال مبارك بالخطر، إلا أن والدته ظلت على
رأيها. وفى الخامسة مساء اضطر جمال أن يدفع بوالدته بكل قوة إلى سلم
الطائرة الهليكوبتر التى غادرت المقر الرئاسى فى الخامسة وعشر دقائق متجهة
إلى شرم الشيخ.

قال مبارك لعمر سليمان: أنا موافق على
تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد, ولكن أرجو
استبدال كلمة «تنحيه» بكلمة «تخليه»
وصل اللواء إسماعيل عتمان إلى ميدان عبدالمنعم رياض القريب من مبنى
التليفزيون. كانت الحشود غفيرة أمام مبنى ماسبيرو، وضع الشريط داخل «الزنط»
شاهده المتظاهرون، حملوه على الأكتاف، دخل إلى مبنى التليفزيون، التقى
عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار، أبلغه أن هناك شريط فيديو مطلوباً
إذاعته، لم يفصح له عن مضمون الشريط، ظل إلى جواره فى انتظار مكالمة الفريق
سامى عنان.

قبيل السادسة مساء بقليل دق جرس الموبايل، وكان على الجانب الآخر
الفريق عنان، قال له بلهجة قوية: «فى السادسة مساء بالضبط.. عليك أن تذيع
شريط الفيديو، أليس كل شىء تمام؟».

رد اللواء إسماعيل عتمان: نعم كل شىء تمام يا افندم.

وفى السادسة مساء كان اللواء عمر سليمان، يطل من شاشة التليفزيون
المصرى متجهم الوجه ليقرأ بيان تخلى الرئيس عن السلطة. انفجر الناس بالهتاف
«الجيش والشعب إيد واحدة»، اختلطت الدموع بالفرحة، عمت الاحتفالات أنحاء
الوطن، نسى الناس كل شىء، ولم يفكر أحد ماذا تخبئ الأقدار.
بلبل حيران
بلبل حيران
مشرف مميز
مشرف مميز

الجنس : ذكر عدد المساهمات : 3273
تاريخ التسجيل : 05/09/2011
المزاج المزاج : عال والحمد لله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى