فن الاعتذار
صفحة 1 من اصل 1
فن الاعتذار
فن الاعتذار
هذه
الحياة... نعيشها... تغدق علينا بأيام سعيدة كما تمطرنا بأيام حزينة...
نتعامل معها من خلال مشاعرنا... فرح، حزن، ضيق، محبة،كره، رضى، غضب... جميل
أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا ولكن هل هذا يعطينا العذر بأن نتجاهل
مشاعر الغير... أن نجرح مشاعرهم... أن نتعدى على حقوقهم... أو أن ندوس على
كرامتهم؟ للأسف هذا ما يقوم به الكثير منا معتقدين بأننا مركز الحياة...
وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنا... قد نخطئ ولكن دائما لدينا الأسباب
التي دفعتنا إلى ذلك... فتجدنا أبرع من يقدم الأعذار لا الاعتذار! نحن لا
نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار ولكننا أيضا نكابر ونتعالى ونعتبر
الاعتذار هزيمة... ضعفاً... إنقاصاً للشخصية والمقام... كأننا نعيش في حرب
دائمة مع الغير. فتجد الأم تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي لا "يكبر
رأسه"... والأب ينصح ابنه بعدم الاعتذار للزوجة لأن رجل البيت لا يعتذر...
والمدير لا يعتذر للموظف لأن مركزه لا يسمح بذلك... والمعلمة لا تعتذر
للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها...وسيدة المنزل لا تعتذر
للخادمة... والمواطن لا يعتذر للأجنبي... وقس على ذلك الكثير من الحالات...
اليوم نجد بيننا من يدعي التمدن والحضارة باستخدام الكلمات الأجنبية مثل
"sorry, pardon" في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي أو
الجلوس... ولكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى اعتذار حقيقي نرى
تجاهلاً... وأحيانا للأسف نسمع "الردح" على قول يوسف بك وهبي " أهي ابتدت
تردح بالبلدي بنت صلطح بابا"."أنا آسف" كلمتان لماذا نستصعب النطق بهما؟
كلمتان لو ننطقهما بصدق لذاب الغضب... ولداوينا قلباً مكسوراً أو كرامة
مجروحة... ولعادت المياه إلى مجاريها في كثير من العلاقات المتصدعة. كم يمر
علينا من الإشكاليات التي تحل لو قدم اعتذار بسيط بدلا من تقديم الأعذار
التي لا تراعي شعور الغير أو إطلاق الاتهامات للهروب من الموقف... لماذا كل
ذلك؟ ببساطة لأنه من الصعب علينا الاعتراف بالمسؤولية تجاه تصرفاتنا...
لأن الغير هو من يخطئ دائما وليس نحن... بل في الكثير من الأحيان نرمي
اللوم على الظروف... على أي شماعة بشرط ألا تكون شماعتنا.إن الاعتذار مهارة
من مهارات الاتصال الاجتماعية مكونة من ثلاث نقاط أساسية: أن تشعر بالندم
عما صدر منك... أن تتحمل المسؤولية... وأن تكون لديك الرغبة في إصلاح
الوضع... لا تنس أن تبتعد عن تقديم الاعتذار المزيف مثل " أنا آسف ولكن..."
وتبدأ بعرض الظروف التي جعلتك تقوم بالتصرف الذي تعرف تماما بأنه خاطئ...
أو أن تقول " أنا آسف لأنك لم تسمعني جيدا" هنا ترد الخطأ على المتلقي
وتشككه بسمعه.... أو "أنت تعرف أنه لم يكن بسببي" أي تمرير الخطأ على
الغير... ما يجب أن تفعله هو أن تقدم الاعتذار بنية صادقة معترفا بالأذى
الذي وقع على الآخر... ويا حبذا لو قدمت نوعا من الترضية، إن أمكن... هنا
أيضا يجب أن يكون الصوت معبرا وكذلك تعبير الوجه... فما يخرج من القلب يصل
إلى القلب... مثلا إن حدث يوما أن تأخر أستاذ على اجتماع مع طالب يمكن
تقديم الاعتذار كالتالي: أولا الاعتذار "آسف "، ثانيا الاعتراف بشعور
الطالب "لقد جعلتك تنتظر وأكيد لديك أعمال أخرى"، ثالثا تقديم الترضية " في
حال لم ننته اليوم تستطيع الاتصال بي في المنزل لنكمل أو يمكنك تحديد موعد
آخر يناسبك"...هنالك نقطة مهمة يجب الانتباه إليها ألا وهي أنك بتقديم
الاعتذار لا يعني بالضرورة أن يتقبله الآخر... أنت قمت بذلك لأنك قررت تحمل
مسؤولية تصرفاتك... المهم عليك أن تتوقع عند تقديم الاعتذار أن المتلقي
رغم شعوره بصدق نيتك قد يحتاج أحيانا لبعض الوقت لتقبل اعتذارك وأحيانا
أخرى قد يرفضه... هذا لا يخلي مسؤوليتك تجاه القيام بالتصرف السليم نحو
الآخر... فأنت على الأقل قمت بواجبك ومع مرور الوقت قد يرضى الآخر... المهم
ألا تقدم الاعتذار لتنهي الموقف بأن تقول " آسف انتهينا، خلاص" أو تقدم
الاعتذار وأنت متأكد من أنك لم تقم بما يستدعي ذلك.كلمة أخيرة إن كنت من
يتلقى الاعتذار وشعرت بصدق المعتذر اقبل الاعتذار... فمن مهارات الاتصال
الاجتماعي أيضا تقبل الاعتذار بنفس طيبة... أي لا تحطم هذه اللحظات الصادقة
بتذكير المعتذر بخطئه مثل أن تقول " ألم أقل لك"...أو " كان من الأول"...
إن احتواء هذه اللحظات الصادقة والبناء عليها مهم جدا لأنه مهما كان الفرد
منا ذكياً، مثقفاً، أو مبدعاً في مجال عمله... إن لم يكن يمتلك مهارات
الاتصال الاجتماعية خصوصا مهارات تقديم وتقبل الاعتذار سوف يخسر الكثير من
هذه العلاقات... قد تكون داخل الأسرة كالعلاقة الزوجية أو بين الأب أو الأم
وبين الأبناء أو خارجها كالعلاقة بين الجيران أو الزملاء في العمل أو بين
الأستاذ والطلبة... فمن يريد أن يصبح وحيدا فليتكبر وليتجبر وليعش في مركز
الحياة الذي لا يراه أحد سواه... ومن يريد أن يعيش مع الناس يرتقي بهم لا
عليهم فليتعلم فن الاعتذار
الحياة... نعيشها... تغدق علينا بأيام سعيدة كما تمطرنا بأيام حزينة...
نتعامل معها من خلال مشاعرنا... فرح، حزن، ضيق، محبة،كره، رضى، غضب... جميل
أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا ولكن هل هذا يعطينا العذر بأن نتجاهل
مشاعر الغير... أن نجرح مشاعرهم... أن نتعدى على حقوقهم... أو أن ندوس على
كرامتهم؟ للأسف هذا ما يقوم به الكثير منا معتقدين بأننا مركز الحياة...
وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنا... قد نخطئ ولكن دائما لدينا الأسباب
التي دفعتنا إلى ذلك... فتجدنا أبرع من يقدم الأعذار لا الاعتذار! نحن لا
نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار ولكننا أيضا نكابر ونتعالى ونعتبر
الاعتذار هزيمة... ضعفاً... إنقاصاً للشخصية والمقام... كأننا نعيش في حرب
دائمة مع الغير. فتجد الأم تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي لا "يكبر
رأسه"... والأب ينصح ابنه بعدم الاعتذار للزوجة لأن رجل البيت لا يعتذر...
والمدير لا يعتذر للموظف لأن مركزه لا يسمح بذلك... والمعلمة لا تعتذر
للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها...وسيدة المنزل لا تعتذر
للخادمة... والمواطن لا يعتذر للأجنبي... وقس على ذلك الكثير من الحالات...
اليوم نجد بيننا من يدعي التمدن والحضارة باستخدام الكلمات الأجنبية مثل
"sorry, pardon" في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي أو
الجلوس... ولكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى اعتذار حقيقي نرى
تجاهلاً... وأحيانا للأسف نسمع "الردح" على قول يوسف بك وهبي " أهي ابتدت
تردح بالبلدي بنت صلطح بابا"."أنا آسف" كلمتان لماذا نستصعب النطق بهما؟
كلمتان لو ننطقهما بصدق لذاب الغضب... ولداوينا قلباً مكسوراً أو كرامة
مجروحة... ولعادت المياه إلى مجاريها في كثير من العلاقات المتصدعة. كم يمر
علينا من الإشكاليات التي تحل لو قدم اعتذار بسيط بدلا من تقديم الأعذار
التي لا تراعي شعور الغير أو إطلاق الاتهامات للهروب من الموقف... لماذا كل
ذلك؟ ببساطة لأنه من الصعب علينا الاعتراف بالمسؤولية تجاه تصرفاتنا...
لأن الغير هو من يخطئ دائما وليس نحن... بل في الكثير من الأحيان نرمي
اللوم على الظروف... على أي شماعة بشرط ألا تكون شماعتنا.إن الاعتذار مهارة
من مهارات الاتصال الاجتماعية مكونة من ثلاث نقاط أساسية: أن تشعر بالندم
عما صدر منك... أن تتحمل المسؤولية... وأن تكون لديك الرغبة في إصلاح
الوضع... لا تنس أن تبتعد عن تقديم الاعتذار المزيف مثل " أنا آسف ولكن..."
وتبدأ بعرض الظروف التي جعلتك تقوم بالتصرف الذي تعرف تماما بأنه خاطئ...
أو أن تقول " أنا آسف لأنك لم تسمعني جيدا" هنا ترد الخطأ على المتلقي
وتشككه بسمعه.... أو "أنت تعرف أنه لم يكن بسببي" أي تمرير الخطأ على
الغير... ما يجب أن تفعله هو أن تقدم الاعتذار بنية صادقة معترفا بالأذى
الذي وقع على الآخر... ويا حبذا لو قدمت نوعا من الترضية، إن أمكن... هنا
أيضا يجب أن يكون الصوت معبرا وكذلك تعبير الوجه... فما يخرج من القلب يصل
إلى القلب... مثلا إن حدث يوما أن تأخر أستاذ على اجتماع مع طالب يمكن
تقديم الاعتذار كالتالي: أولا الاعتذار "آسف "، ثانيا الاعتراف بشعور
الطالب "لقد جعلتك تنتظر وأكيد لديك أعمال أخرى"، ثالثا تقديم الترضية " في
حال لم ننته اليوم تستطيع الاتصال بي في المنزل لنكمل أو يمكنك تحديد موعد
آخر يناسبك"...هنالك نقطة مهمة يجب الانتباه إليها ألا وهي أنك بتقديم
الاعتذار لا يعني بالضرورة أن يتقبله الآخر... أنت قمت بذلك لأنك قررت تحمل
مسؤولية تصرفاتك... المهم عليك أن تتوقع عند تقديم الاعتذار أن المتلقي
رغم شعوره بصدق نيتك قد يحتاج أحيانا لبعض الوقت لتقبل اعتذارك وأحيانا
أخرى قد يرفضه... هذا لا يخلي مسؤوليتك تجاه القيام بالتصرف السليم نحو
الآخر... فأنت على الأقل قمت بواجبك ومع مرور الوقت قد يرضى الآخر... المهم
ألا تقدم الاعتذار لتنهي الموقف بأن تقول " آسف انتهينا، خلاص" أو تقدم
الاعتذار وأنت متأكد من أنك لم تقم بما يستدعي ذلك.كلمة أخيرة إن كنت من
يتلقى الاعتذار وشعرت بصدق المعتذر اقبل الاعتذار... فمن مهارات الاتصال
الاجتماعي أيضا تقبل الاعتذار بنفس طيبة... أي لا تحطم هذه اللحظات الصادقة
بتذكير المعتذر بخطئه مثل أن تقول " ألم أقل لك"...أو " كان من الأول"...
إن احتواء هذه اللحظات الصادقة والبناء عليها مهم جدا لأنه مهما كان الفرد
منا ذكياً، مثقفاً، أو مبدعاً في مجال عمله... إن لم يكن يمتلك مهارات
الاتصال الاجتماعية خصوصا مهارات تقديم وتقبل الاعتذار سوف يخسر الكثير من
هذه العلاقات... قد تكون داخل الأسرة كالعلاقة الزوجية أو بين الأب أو الأم
وبين الأبناء أو خارجها كالعلاقة بين الجيران أو الزملاء في العمل أو بين
الأستاذ والطلبة... فمن يريد أن يصبح وحيدا فليتكبر وليتجبر وليعش في مركز
الحياة الذي لا يراه أحد سواه... ومن يريد أن يعيش مع الناس يرتقي بهم لا
عليهم فليتعلم فن الاعتذار
مواضيع مماثلة
» عبد الله بدر: لا يشرفنى الاعتذار لـ"إلهام شاهين" وسأقاضى "سيد على"
» طلاب مسلمون يجبرون أستاذة أمريكية أساءت للنبى على الاعتذار
» نواب يصطحبون "زياد العليمى" لتقديم الاعتذار للشيخ محمد حسان
» من تداعيات ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية
» طلاب مسلمون يجبرون أستاذة أمريكية أساءت للنبى على الاعتذار
» نواب يصطحبون "زياد العليمى" لتقديم الاعتذار للشيخ محمد حسان
» من تداعيات ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 27 سبتمبر 2023, 12:11 am من طرف Admin
» من روائع السينما المصرية
الثلاثاء 02 فبراير 2021, 1:18 am من طرف Admin
» البث المباشر لجميع مباريات العالم
الإثنين 04 يناير 2021, 11:05 pm من طرف Admin
» وفاة المؤلف والسيناريست وحيد حامد
السبت 02 يناير 2021, 5:43 pm من طرف Admin
» امتحان الصف الرابع رياضيات
السبت 02 يناير 2021, 2:25 pm من طرف Admin
» بحث الماء للصف السادس
الخميس 16 أبريل 2020, 12:44 am من طرف Admin
» طريقة الدخول لتقديم البحث
الأحد 05 أبريل 2020, 10:08 pm من طرف Admin
» مسلسل La Casa de Papel الموسم الرابع
الجمعة 03 أبريل 2020, 5:22 pm من طرف Admin
» فيلم contagion
الثلاثاء 24 مارس 2020, 9:01 pm من طرف Admin
» الحلقة 10 العاشرة من الموسم الاول 1 من مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة 2020 بطولة منة شلبي و آسر ياسين بجودة HD حلقة 10 اونلاين
الجمعة 13 مارس 2020, 4:38 pm من طرف Admin
» آخر تقرير عن الوضع حول فيروس (كوفيد-19) في إقليم شرق المتوسط
الخميس 12 مارس 2020, 1:08 am من طرف Admin
» كيف تحمي نفسك والآخرين من مرض كورونا ؟
الخميس 12 مارس 2020, 12:59 am من طرف Admin