على طريقة الـ"بوعزيزي".. إسرائيلي يشعل النيران في نفسه هربا من "غلاء المساكن





































"اليأس الذي دفع موشيه سيلمان الذي يسكن حيفا، إلى إشعال النار
في جسده في مظاهرة أمس السبت بـ"تل أبيب"، جاء بعد عام بالضبط على احتجاجات
الخيام الأولى التي اجتاحت شارع روتشيلد، وهي شاهد مأساوي على عمق الفجوة
ما بين الحكومة والمواطنين، فجوة تزايد عمقها بمرور السنوات، وخاصة في
السنوات الأخيرة".

عبارات بدأت بها صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية تعليقا على إشعال مواطن
إسرائيلي النيران في نفسه، بعد أن كتب خطابا جاء فيه: "دولة إسرائيل
سرقتني وسلبتني.. تركتني مفتقدا لكل شيء. لن أعيش مفتقدا لمنزل أسكن فيه".

أكدت الصحيفة الإسرائيلية أنه في الساعات الأولى من صباح اليوم
التالي للحادث، سيخرج المسؤولون يتسارعون لنفي تلك الحادثة المحددة، أو
سيرجعونها لـ"أسباب شخصية"، ولا يمكن التعرف على أي أسباب عامة من خلالها،
وسيخرجون ليؤكدون أن الحكومة أصغت جيدا لمطالب الشعب في الفترة الأخيرة.

ويشير الكاتب الإسرائيلي أور كاشتي إلى أن الخطاب الذي تركه سيلمان
يضع الخطوط العريضة للواقع الذي يعيشه الإسرائيليون، والذي يصفه بـ"للأسف،
واقع سيلمان ليس فرديا ولا خاصا، فمعاش 2300 شيكل شهريا، لا يكفي العلاج
ولا إيجار المنزل، وخطاب سيلمان ما هو إلا خطاب رجل لم يتبق له إلا أن يشعل
النيران في نفسه، كمحاولة أخيرة ليفهم العالم وضعه البائس".

تحاول "هاآرتس" الربط بين وضع محمد البوعزيزي، بائع الخضروات الذي
أشعل النيران في نفسه، فكان شرارة انطلاق الثورة التونسية وسقوط الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي، وما حدث للمواطن الإسرائيلي الذي أشعل
النيران في نفسه. ويتساءل كاشتي: "هل يكون هناك حساب نفس وعقاب لما حدث
للمواطن الإسرائيلي على غرار ما حدث لنظيره التونسي، وهل يكون هناك أي
تعديل في النظام الذي دفعه لمثل هذا العمل؟ في رأيي سيكون أقصى الحلول هو
إنشاء لجنة عدالة وتحقيق لتقصي ما حدث.

وتتابع: "بوعزيزي لم يشعل النيران في نفسه ليأتي بالديموقراطية
لبلاده. فقد كانت احتجاجات مباشرة ضد قيادة بلدية سيدي بوعزيزي، الذين
صادروا الكشك المتنقل الخاص به. وهو الأمر نفسه بالنسبة لسيلمان، فالمأساة
الشخصية التي مر بها تشعل الأسئلة الأساسية بشأن الأسلوب الاقتصادي
الاجتماعي الذي تنتهجه الحكومة في الـ30 عاما الماضية. إسرائيل منذ زمن لم
تكن دولة رابحة، لكل مواطن فيها شبكة تأمين اجتماعية للأزمات التي يمكن أن
تقع له".

كان الآلاف الذين خرجوا للشوارع في تل أبيب والقدس وحيفا وبئر سبع،
هم الدليل على عمق الفجوة بين الحكومة والمواطنين، وهم نفسهم الدليل على
التغيير العميق الذي أحدثته ثورة الخيام التي خرجت منذ عام في إسرائيل،
لتنادي بالعدالة الاجتماعية.
"